يُنَادِيهِ
هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَ سُؤْلَهُ *** وَمُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرْ
لَهُ وَيُؤَيَّدِ 515
*****
﴿وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ﴾ [آل عمران: 17]،
وفي آخر اللَّيلِ يَنزِلُ الرَّبُّ سبحانه وتعالى إلى السَّماءِ الدُّنيا كل
ليلَةٍ، حين يبقى ثُلثُ اللَّيل الآخر ويقول: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيه،
هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرُ لَهُ»؛
فأنت تحضر هذا الفَضلَ العَظيمَ وقتَ النُّزولِ الإلَهِيِِّ، تستغفرُ، تَسألُ
اللهَ، وتدعو اللهَ عز وجل، أنت بحاجةٍ إلى هذا، لا تحرِمْ نَفسكَ، بل كن حاضرًا
في آخِرِ اللَّيلِ، مع الذين قال اللهُ فيهم: ﴿وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ﴾ [آل عمران: 17]، ﴿وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ
يَسۡتَغۡفِرُونَ﴾ [الذاريات: 18] ومعنى: «أَمَا يَسْتَحِي مَوْلاً
رَقِيبًا بِمَرْصَدِ»؛ أما تَستَحِي مِنَ اللهِ عز وجل، أنت تَنامُ كُلَّ
اللَّيلِ ولا تقومُ لله عز وجل ولو بِقليلٍ من الليل، وقد أنعَمَ اللهُ عليكَ
وعافاكَ، وأمَّنَكَ وفَرَّغَك أيضًا من الأشغالِ، فلماذا لا تَشكُرِ اللهَ عز وجل
على هذه النعمة وتستغل هذه الفُرصِ العَظيمَةِ من عُمُرِك.
فالإنسانُ إذا ما
اجْتَهَد في وَقتِ شَبابِه ونَشاطِه فإنَّه يَعجَزُ في شَيخوخَتِه وكِبرِه ومرضِه،
فيبادِرُ الإنسانُ شبابَه وقوَّتَه قبل أن يَعجَز في آخر حياتِه، وآخر عُمُره. كما
في الحديث: «اغْتَنِمْ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ
مَرَضِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ» ([1]).
ينادي سُبحانَهُ وَقتَ النُّزولِ الإِلهِيِّ: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ، هَلْ مِنْ تَائِبٍ، هَلْ مِنْ دَاعٍ»، هو يُناديكَ وأنتَ نَائمٌ، فكِّرْ في نَفسِك، أما تَستَحي من اللهِ أنَّه يُناديك ويدعوكَ وأنْت نائمٌ معرضٌ عن اللهِ عز وجل.
([1]) أخرجه: الحاكم رقم (7846)، والبيهقي في «الشعب» رقم (10248).