وَلاَ
تَقْرَأَنْ إِمَّا أَمَمْتَ خِلاَفَ مَا *** عَلَيْهِ أَهْلُ
ذَاكَ العَصْرِ تُقِلُّ وَتُبْعِدِ
*****
إذا كنت إمامًا
للنَّاس فإنَّكَ تُراعي أحوالَ المأمومينَ، تُخفِّف عَليهم ولا تَشقُّ عليهم، أما
إذا صلَّيتَ وَحدك فإنك تُطوِّل ما شِئتَ، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أَيُّكُمْ
أَمَّ النَّاس فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا
الحَاجَةِ، فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء» ([1]).
الإمامُ لا يَحملُ
النَّاسَ على رغْبَتِه هو؛ وعلى اجْتهادِه هو، بل يُراعي أحْوالَ المأمومينَ، ولو
كان هو يُحبُّ أكثرَ من هذا فيُراعي أحوالَ المأمُومينَ، هذا أفضلُ له من أنه هو
يَتَّبعُ اجتهادَ نَفسهِ أو رأيَ نَفسِه ويرى أن هذا أفْضَلُ، نعم التَّطويلُ
أفضَلُ إذا لم يتَرتَّبْ عليه مَضرَّةٌ، أما إذا ترتَّبَ عليه مضرَّةٌ فلا يكون
أفضل.
ولهذا كان النبي صلى
الله عليه وسلم إذا أَمَّ النَّاسَ يُخفِّفُ، وإذا صَلَّى لنفسِه يُطيل، قرأ «البقرة»،
و«النساء»، و«آل عمران» في ركعتين، قرأ خمسَةَ أجزاء وزيادة في ركعتين؛ لأنه كان
يُصلِّي وحدَه، وقام معه حذيفة فَعجَز عن متابعته صلى الله عليه وسلم، وقال: «هَمَمْتُ
أَنْ أَقْعُدَ» ([2]).
فهذا هو هَدْيُ
الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، أن الإنسانَ إذا صَلَّى بالناس يُراعي أحوال
المأمومينَ، ولا يَشقُّ عليهم ولا يُنفِّرهم.
قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْكُمْ لَمُنَفِّرِينَ» ([3])، وقال أيضًا: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ» ([4]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (703)، ومسلم رقم (467).