×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

    قال الله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ [القصص: 68].

****

كل شيء فهو خلقه، لا خالق معه، ولا خالق سواه سبحانه وتعالى، خلق المؤمنين والكفار، ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ [التغابن: 2].

لكنه يختار، الخلق عام، وأما الاختيار، فهو خاص، يختار من خلقه -سبحانه- ما يعلمه أنه صالح للاختيار.

﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ[القصص: 68]: هذا عام؛ من الخير والشر، والأخيار والأشرار، والمحبوب والمكروه، والنعم والمصائب، وغير ذلك، ﴿يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ: يختار سبحانه من هذا الخلق ما يعلم أنه يصلح للاختيار، فيختار الأنبياء والمرسلين، ويختار الصالحين، ويختار من البقاع ما يشاء سبحانه وتعالى.

﴿مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ: يجب الوقوف على قوله -سبحانه-: ﴿وَيَخۡتَارُۗ، ولا يوصل بـ ﴿مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ، يكون هذا ابتداء كلام، يكون ﴿مَا نافية، وهي ابتداء كلام، ليس للناس الخيرة، بل الله هو الذي يختار سبحانه وتعالى، أما الذين يصلون القراءة: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [القصص: 68]، ويجعلون ﴿مَا اسمًا موصولا -أي: الذي فيه خيرة-، فهذا غير صحيح.

وهذا يستدل به المعتزلة على أن الله يجب عليه فعل الأصلح؛ كما هو مذهبهم، والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الله لا يجب عليه شيء، وإنما هو الذي يوجب على نفسه، لا أحد يوجب عليه شيئًا، وإنما هو الذي يوجب على نفسه -سبحانه- فضلاً منه وإحسانًا.


الشرح