والمراد
بالاختيار: هو الاجتباء والاصطفاء، وقوله: ﴿مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ﴾
[القصص: 68] ؛ أي: ليس هذا الاختيار إليهم، فكما أنه المتفرد بالخلق، فهو المتفرد
بالاختيار منه؛ فإنه أعلم بمواقع اختياره؛
****
﴿وَيَخۡتَارُۗ﴾: يعني: ما يختار إلا ما فيه الخيرة للناس؛ لأنهم لا
يرون أن الله خالق للشر، وخالق للأشرار، ما يرون هذا على مذهبهم، وعلى هذا تكون ﴿مَا﴾ نافية، وليست
موصولة، وهي ابتداء كلام، وليست مفعولاً به.
﴿سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [القصص: 68]: نزّه
نفسه سبحانه وتعالى عن اختيارهم، نزه الله نفسه عن اختيار الخلق، فهو الذي يختار
سبحانه وتعالى، وليس هم الذين يختارون، ولذلك هم يختارون الكفر، ويختارون الشرك،
ويختارون الفسق، ويختارون الأشياء القبيحة، الله نزه نفسه عن اختيارهم وعن
اقتراحاتهم.
المراد بالاصطفاء: الاجتباء ﴿ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ
ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا﴾ [الحج: 75] ؛ يعني: يختار، فالله اصطفى رسله واختارهم
واجتباهم.
نعم هذا نفي، ليس
الاختيار إليهم، فتكون «ما» نافية، وهي ابتداء كلام في محل رفع.
فالله سبحانه وتعالى ما يختار إلا ما فيه خير، وهو الذي يعلم ما يصلح للاختيار وما لا يصلح.