كما
قال تعالى: ﴿ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾
[الأنعام: 124]، وكما قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ
هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ ٣١ أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ
رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ
ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ
بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ﴾
[الزخرف: 31- 32].
****
نعم؛ لأنهم يقولون:
إننا لن نؤمن، حتى نوتي مثلما أوتي رسل الله، يقولون: لماذا يخص الرسل، وهم بشر
مثلنا؟ لا نؤمن بهم، ولا نصدقهم حتى نكون مثلهم، نُعطى مثلما أعطوا. رد الله عليهم
بقوله: ﴿ٱللَّهُ
أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾ [الأنعام: 124]، هو يختار
لرسالته من يعلم أنه يصلح لها، أما الذي لا يصلح، فإن الله لا يختاره.
نعم، هذا في كفار قريش، اعترضوا على أن الله اختار محمدًا صلى الله عليه وسلم من بينهم، فقالوا: كيف يختار يتيمًا فقيرًا؟! كيف يختار هذا الشخص؟! كان الأولى أن يختار من القريتين؛ من مكة أو من الطائف: ﴿رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ﴾، له مال، وله جاه، وله مكانة، ليس يتيمًا فقيرًا، وهذا الرجل قالوا: من مكة الوليد بن المغيرة، ومن الطائف عروة بن مسعود الثقفي، اقترحوا على الله أن يختار أحد الرجلين: ﴿وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: 31]، رد الله عليهم بقوله: ﴿أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ﴾ [الزخرف: 32]، فهم ليس لهم أن يتدخلوا في اقتراح الرسول، هذا راجع إلى الله، الذي يعلم من يصلح للرسالة، ويختص بفضله من يشاء سبحانه وتعالى.