ثم
رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى، فخطب خطبة بليغة، أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر،
وتحريمه، وفضله،
****
لما فرغ صلى الله عليه وسلم من رمي جمرة العقبة
رجع إلى منى.
هذه هي الخطبة
الثانية، الخطبة الأولى كانت في عرفة -كما سبق- وهذه هي الخطبة الثانية، وكان قد
خطبهم بالمدينة -أيضًا-، خطبهم صلى الله عليه وسلم عند السفر -أيضًا- وبيَّن لهم.
قال صلى الله عليه وسلم يوم النحر: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟»، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟»، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: «أَلَيْسَ ذُا الحَجَّةِ؟»، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الحَرَامِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟»، قَالُوا: نَعَمْ ([1]). ففي هذا الحديث حرمة الدماء، وحرمة الأموال، وحرمة الأعراض، وهذه من الضرورات الخمس، التي جاءت الشرائع كلها بحفظها.
الصفحة 1 / 664