****
لما انتهى من بيان هديه صلى الله عليه وسلم في
صلوات الفرائض، انتقل إلى هديه في صلوات النوافل، وذلك لأنه مطلوب من العبد ألا
يقتصر على الفرائض، فالفرائض لا بد منها، ولكن المسلم بحاجة إلى الازدياد من
الخير، وأيضًا قد يكون في فرائضه شيء من النقص، فيحتاج إلى أن تكمل من النوافل؛
كما في الحديث ([1]).
والنوافل على قسمين: نوافل مقيدة -وسبق ذكرها-، ونوافل مطلقة، وأفضلها قيام الليل، وإلا فكل الوقت -الليل والنهار- فرصة لمن يريد أن يتزود من الخير، قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا﴾ [الفرقان: 62]، فكل الليل والنهار ما عدا الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وأفضل التطوع صلاة الليل؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ» ([2])؛ لأن الليل أقرب إلى الخشوع والهدوء وتدبر القرآن، النهار فيه أصوات، وفيه شواغل، وفيه حركات، لكن الليل هدوء، وأيضًا الليل أبعد عن الرياء، وأيضًا الليل ينام الناس فيه، فيكون الإنسان إذا قام من الليل، فإنه يكون له خاصية بين الناس، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: 6]، وناشئة الليل هي القيام للصلاة بعد النوم؛ لأن الإنسان ينام أول الليل، هذا هو المستحب والأفضل، ينام أول الليل
الصفحة 1 / 664