لأجل أن يقوم ما تيسر له من الليل بعد النوم، و﴿أَشَدُّ وَطۡٔٗا﴾ أي: مواطأة القلب
للسان في التدبر، وفي ﴿وَأَقۡوَمُ
قِيلًا﴾: قراءة وتدبرًا، وذكرًا لله سبحانه وتعالى.
وصلاة الليل دأب
الصالحين، قال تعالى: ﴿كَانُواْ
قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ ١٧ وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ﴾ [الذاريات: 17- 18]،
وقال سبحانه وتعالى: ﴿تَتَجَافَىٰ
جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ﴾ [السجدة: 16]، ﴿تَتَجَافَىٰ﴾: يقومون ويتركون
المضاجع مع أنهم في حاجة إلى النوم، وفي حاجة إلى الراحة، وفي حاجة إلى الدفء في
الشتاء، والإنسان يكون في حاجة إلى أهله.
فإذا ترك ذلك وقام،
فهذا دليل على رغبته في الخير، ومحبته للخير، وأيضًا قيام الليل يطرد الداء عن
الجسد، وهذا شيء مجرب، الذين يعتادون قيام الليل يكونون أصح أجسامًا، وأنشط في
حركاتهم وسكناتهم، حتى إن الرجل منهم يبلغ التسعين والمائة، ويكون كأنه شاب في
حركاته وقيامه وقعوده.
ولهذا جاء في الأثر أن من فوائد قيام الليل أنه مطردة للداء عن الجسد ([1])، ففيه مصالح عظيمة، وخيرات كثيرة، لكن لا يمكن للإنسان أن يسهر ويقوم من الليل، هذا ما يمكن، إذا أراد أن يقوم من الليل، ينام بأول الليل؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل، كان يكره النوم قبل العشاء، ويكره الحديث بعدها ([2])، يريد أن ينام صلى الله عليه وسلم.
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3549).