قال
ابن إسحاق: وَكَانَتْ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم، فِيمَا بَلَغَنِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -نَعُوذُ
باللَّه أَنْ نَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ-
أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
«أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَقَدِّمُوا لأَِنْفُسِكُمْ. تَعَلَّمُنَّ
وَاَللَّهِ لَيُصْعَقَنَّ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لَيَدَعَنَّ غَنَمَهُ لَيْسَ لَهَا
رَاعٍ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ رَبُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ تَرْجُمَانٌ وَلاَ حَاجِبٌ
يَحْجُبُهُ دُونَهُ: أَلَمْ يَأْتِكَ رَسُولِي فَبَلَّغَكَ، وَآتَيْتُكَ مَالاً
وَأَفْضَلْتُ عَلَيْكَ؟ فَمَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ فَلَيَنْظُرَنَّ يَمِينًا
وَشِمَالاً فَلاَ يَرَى شَيْئًا، ثُمَّ لَيَنْظُرَنَّ قُدَّامَهُ فَلاَ يَرَى
غَيْرَ جَهَنَّمَ. فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقِيَ وَجْهَهُ مِنْ النَّارِ وَلَوْ
بِشِقٍّ مِنْ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ،
****
«لَيُصْعَقَنَّ» أي: ليموتنّ، يذكرهم
بالموت.
ويكلمه الله: أي:
يكلمه باللغة التي يفهمها.
وقوله: «وَلاَ حَاجِبٌ
يَحْجُبُهُ دُونَهُ» كذلك، فالله جل وعلا حجابه النور، لكن يوم القيامة يتجلى
لعباده المؤمنين.
«وَلَوْ بِشِقٍّ
مِنْ تَمْرَةٍ»؛ يعني: نصف تمرة يعطيها لفقير، تقيه من النار، مع الإخلاص لله عز وجل،
العبرة ليست بكثرة الصدقة، إنما العبرة بالإخلاص لله عز وجل، وكل يتصدق على قدر
استطاعته، ولو لم يجد إلا شق تمرة.
«وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» أي: للفقير، ولا ينهره.