×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

 مَا بِكُمْ» ([1])، والكسوف والخسوف وإن كانا يدركان بالحساب، فإن ذلك لا يمنع أن يجريهما الله عقوبة لعباده -أيضًا-، أو يحدث بعدهما عذاب، ولهذا لما كسفت الشمس في عهده صلى الله عليه وسلم، خرج يجر رداءه؛ يخشى أن تكون الساعة، فصلى صلاة الكسوف، ووعظ أصحابه وذكرهم.

فهذا يدل على أن الكسوف والخسوف يحصلان للتخويف والإنذار، وفيه دليل على بطلان عبادة الشمس والقمر، فإن الله جل وعلا يجري عليهما هذا التغير، مما يدل على أنهما مخلوقان: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ [فصلت: 37]، كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف إذا حصل، فإنما هو يدل على موت عظيم، أو ولادة عظيم، وصادف أن كسفت الشمس في عهده صلى الله عليه وسلم يوم موت ابنه إبراهيم، فقالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم؛ بناء على ما كان معهودًا في الجاهلية.

فالنبي صلى الله عليه وسلم بيَّن بطلان هذا الاعتقاد، وقال: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللهَ، وَصَلُّوا حَتَّى تَنْكَشِفَ» ([2]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1063).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1043)، ومسلم رقم (915).