ولما جاءه رجلان يسألانه، ورأى فيهما القوة
البدنية، قال: «إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلاَ حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ،
وَلاَ لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» ([1]).
فهي إنما هي للفقير
الذي لا يقدر على الاكتساب، هكذا كان صلى الله عليه وسلم يوجه من جاءه يطلب منه
الصدقة.
واليوم -كما ترون-
كثر السؤال، والتعرض لطلب الصدقات في المساجد، حتى شغلوا الناس عن صلاتهم، وعن
ذكرهم، فأصبح التسول حرفة، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن سأل الناس من غير حاجة،
وأنه معرض نفسه للعقوبة، وأن ما يأخذه للسؤال حرام عليه؛ كما جاء في الحديث: «لاَ
تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ
مُزْعَةُ لَحْمٍ» ([2]).
وأخبر أن السؤال
-سؤال الناس- يأتي يوم القيامة خدوشًا في وجوه أصحابه ([3])، وأن ما يأخذونه لا
يحل لهم.
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا
يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» ([4]).
لكن بعض الناس يبتلى، إذا سأل من غير حاجة، فإنه يفتتن، ويبتلى بحب السؤال والتعرض للناس؛ عقوبة له، ويفني عمره كله في التسول؛
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1633)، والنسائي في الكبرى رقم (2390)، وأحمد رقم (17972).