وكان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس صدقة
بما ملكت يده، وكان لا يستكثر شيئًا أعطاه لله، ولا يستقله.
****
عقوبة له، ولا يأكل
مما يُعطى -أيضًا- ؛ يجمع ما يعطى، ولا يأكل منه، بل يُحرم، فهذه عقوبات عاجلة
وآجلة في السؤال من غير حاجة.
والذي يسأل إذا أصاب
ما يكفيه، فإنه يمسك عن السؤال، فلا يحل له أن يستمر فيه، فينبغي التفطن لهذا
الأمر.
كان صلى الله عليه
وسلم أجود الناس في الصدقات، لا يجمع المال الذي يأتيه، وإنما يصرفه في مصالح
المسلمين وحاجاتهم، وكان هو في نفسه صلى الله عليه وسلم يعيش عيش الفقراء، ولو شاء
لكان من أغنى الناس، ولكنه لا يدخر شيئًا مما يأتيه، بل يتصدق به. هكذا كان صلى
الله عليه وسلم لا يعيش عيشة الأغنياء، وإنما يعيش عيشة الفقراء؛ فأحيانًا يجوع
صلى الله عليه وسلم، ويشتد جوعه؛ كما جاء ذلك في الأحاديث، وكان لا يدخر في بيته
شيئًا من النقود والدراهم؛ فقد كان يسرع في إنفاقها، هكذا كان هديه صلى الله عليه
وسلم.
وكان يتضاعف جهده،
ويزيد جهده في مواسم الخير -في شهر رمضان- ؛ فإنه يكون فيه أجود بالخير من الريح
المرسلة ([1]).
كان لا يستكثر شيئًا أعطاه للمحتاجين، ولا يستقل الشيء من العطاء، بل يعطي بحسب ما يقدر عليه؛ يكثر إن كان عنده مال، ويستقل إن لم يكن عنده شيء. فلا تحتقر الصدقة، ولو كانت قليلة؛ لأنها تنفع المحتاج.
([1])أخرجه: البخاري رقم (6)، ومسلم رقم (2308).