لما
كان صلاح القلب واستقامته في طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفًا على جمعيته على
الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله، فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على
الله، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام،
****
وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعتكف في المسجد، فلا يذهب إلى البيت، أو يجلس في البيت، بل كان
يضرب له القباء في المسجد، فيدخل فيه ([1])؛ ليخلو لربه عز وجل،
لم يكن يعتكف صلى الله عليه وسلم في غير المسجد.
الصيام فيه ترك
الطعام والشراب، والاعتكاف فيه ترك مخالطة الناس، فهو يجمع بين العبادتين: عبادة
الصيام، وعبادة الاعتكاف، وهذا أفضل، وإن اعتكف في غير الصيام، فلا بأس بذلك؛ كما
في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه كَانَ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
لَيْلَةً، قَالَ ابْنُ رَجَاءٍ: أَوْ قَالَ: شَهْرًا، فَلَمَّا كَانَ الإِْسْلاَمُ
سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» قَالَ:
فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً ([2])، والليل ليس محلًّا
للصيام، فدل هذا على صحة الاعتكاف من غير صيام، لكن الأفضل أن يكون مع الصيام؛
ليجمع بين العبادتين: عبادة الصيام وعبادة الاعتكاف، ويكون هذا في شهر رمضان أفضل.
والاعتكاف يكون في المساجد -كما سبق-، ولا يختص بالمساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى؛ فالله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ﴾ [البقرة: 187].
([1])أخرجه: مسلم رقم (1167).