وأما
الكلام، فإنه شرع للأمة حبس اللسان عن كل ما لا ينفع في الآخرة. وأما فضول المنام،
فإنه شرع لهم من قيام الليل ما هو من أفضل السهر وأحمده عاقبة، وهو السهر المتوسط
الذي ينفع القلب والبدن، ولا يعوق العبد عن مصلحته.
****
اللسان يستعمله
الإنسان فيما يحتاجه من أمور دينه ودنياه، وأما فضول الكلام، التي لا حاجة إليها، فهذه:
أولاً: تضيع عليه الوقت،
تشغله عن ذكر الله عز وجل.
ثانيًا: وقد تكون -والعياذ
بالله- كلامًا محرمًا، وربما يحبط عمله بسبب كلمة قالها مما يسخط الله عز وجل،
ربما تحبط العمل كله، ويرتد بها عن الدين ([1])؛ فالكلام فيه خطورة
على الإنسان، إذا لم يتحفظ منه، ولا يعالجه إلا الاعتكاف.
فإذا اعتكف، تعود
على قلة الكلام، وعلى حبس اللسان، تدرب على ذلك.
فبدلاً من أن يسهر
على اللهو واللعب والقيل والقال، فإنه يسهر على قيام الليل، وتلاوة القرآن، وذكر
الله عز وجل، فهو سهر محمود.
هذا السهر متوسط، ليس كل السهر، لا يصلي طوال الليل، هذا ليس مشروعًا، بل يصلي من الليل وينام، كان صلى الله عليه وسلم يصلي وينام، يقوم وينام، والذي قال من الصحابة: «أَنَا أَقُومُ اللَّيْل وَلاَ أَنَام» قد أنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: «لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([2]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (6477)، ومسلم رقم (2988).