والأضحية سنة مؤكدة،
حتى إنهم قالوا: ينبغي لمن لا يجد ثمنها أن يقترض؛ من أجل أن يشتري الأضحية
ويذبحها. مما يدل على تأكدها.
وقد ذهب أبو حنيفة
رحمه الله وجماعة من أهل العلم إلى أنها واجبة، ولكن الجمهور على أنها سنة متأكدة.
والأصل في ذلك ما
حصل لإبراهيم عليه السلام، حينما أمره الله عز وجل بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام،
الذي رُزق إياه على الكبر، وهو أول أولاده، وقد كان يحبه حبًا شديدًا، فامتحنه
الله سبحانه وتعالى: هل يقدم محبة الله على محبة الولد، أو العكس بأن يقدم محبة
الولد على محبة الله عز وجل ؟ فأمره بذبح هذا الابن. فالخليل عليه السلام استشار
الولد؛ لأنه قد بلغ معه السعي، فاستشاره، وأخبره أن الله عز وجل أمره بذبحه، وذلك
بالرؤيا التي رآها، ورؤيا الأنبياء حق وتشريع. قال: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي
ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ
مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [الصافات: 102].
فهذا موقف الوالد والولد من أمر الله سبحانه وتعالى، فلم يبق إلا التنفيذ، فجاء بابنه، وأضجعه، ليذبحه، وأجرى السكين على حلقه، قال تعالى: ﴿فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ﴾ [الصافات: 103]، حينئذ أدركته رحمة الله سبحانه وتعالى، وحصل المقصود؛ الله لا يريد ذبح الابن، وإنما يريد الابتلاء والامتحان، فلما حصل المقصود، وأن إبراهيم عليه السلام قدم ابنه للذبح -الذي هو أغلى شيء عنده- طاعة لله عز وجل، حصل المقصود، فنسخ الله الأمر بالذبح.