وَاتِّخَاذُهُمْ وَسَائِطَ بَيْنَ اللهِ
وَبَيْنَ خَلْقِهِ؛ فِي قَضَاءِ الحَوَائِجِ وَإِجَابَةِ الدُّعَاءِ؛ حَتَّى
يَئُولَ الأَمْرُ إِلَى عِبَادَتِهِمْ مِنْ دُونِ اللهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى
أَضْرِحَتِهِمْ بِالذَّبَائِحِ وَالنُّذُورِ، وَالدُّعَاءِ، وَالاِسْتِغَاثَةِ،
وَطَلَبِ المَدَدِ، كَمَا حَصَلَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فِي حَقِّ الصَّالِحينَ، حِينَ
قَالُوا: ﴿لَا
تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾[نُوح: 23]،
وَكَمَا هُوَ الحَاصِلُ مِنْ عُبَّادِ القُبُورِ اليَوْمَ، فِي كَثِيرٍ مِنَ
الأَمْصَارِ.
* الغَفْلَةُ عَنْ تَدَبُّر آيَاتِ
اللهِ الكَوْنِيَّةِ، وَآيَاتِ اللهِ القُرْآنِيَّةِ، وَالاِنْبِهَارُ
بِمُعْطَيَاتِ الحَضَارَةِ المَادِّيَّةِ؛ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا مِنْ مَقْدُورِ
البَشَرِ وَحْدَهُ؛ فَصَارُوا يُعَظِّمُونَ البَشَرَ، وَيُضِيفُونَ هَذِهِ
المُعْطَيَاتِ إِلَى مَجْهُودِه وَاخْتِرَاعِهِ وَحْدَهُ؛ كَمَا قَالَ قَارُونُ
مِنْ قَبْلُ: ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ﴾ [القَصَص: 78]
وَكَمَا يَقُولُ الإِنْسانُ ﴿هَٰذَا لِي﴾
[فُصّلَت: 50]، ﴿إِنَّمَآ
أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۢۚ﴾
[الزمر: 49].
وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا وَيَنْظُرُوا فِي عَظَمَةِ مَنْ
أَوْجَدَ هَذِهِ الكَائِنَاتِ، وَأَوْدَعَهَا هَذِهِ الخَصَائِصَ البَاهِرَةَ،
وَأَوْجَدَ البَشَرَ، وَأَعْطَاهُ المَقْدِرَةَ عَلَى اسْتِخْرَاجِ هَذِهِ
الخَصَائِصِ، وَالاِنْتِفَاعِ بِهَا: ﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [الصَّافات:
96]،﴿أَوَلَمۡ
يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن
شَيۡءٖ﴾ [الأعرَاف: 185]،﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَآئِبَيۡنِۖ وَسَخَّرَ
لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ ٣٣وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن
تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ﴾
[إبراهيم: 33-34].
أ* َصْبَحَ البَيِتُ فِي الغَالِبِ خَالِيًا مِنَ التَّوْجِيهِ السَّلِيمِ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» ([1])؛ فَالأَبَوَانِ لَهُمَا دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي تَقْوِيمِ اتِّجَاهِ الطِّفْلِ.
([1]) أخرجه: البخاري، رقم (1292)، ومسلم، رقم (2658).