عَنْ أَنَس رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ
سُورَةً يَقْرَأُ بِها لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ، افْتَتَحَ بِـ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ
أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، حَتَّى
يَفْرُغ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ
ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالَوا: إِنَّكَ
تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى
تَقْرَأَ بِأُخْرَى؟! فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ بِهَا، وَإِمَا أَنْ تَدَعَهَا
وَتَقْرَأَ بِأخْرَى، فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ
بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ
مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: «يَا فُلاَنُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ
مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ؟ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ
السُّورَة فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟» قَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ»
([1]).
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَِصْحَابِهِ
فِي صَلاَتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بِـ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾
[الإخلاص: 1]، فَلَمَّا رَجَعُوا، ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
فَقَالَ: «سَلُوهُ: لأَِيِّ شَيْءٍ
يَفْعَلُ ذَلِكَ؟» فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لأَِنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ،
وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى
يُحِبُّهُ» ([2])؛
يَعني: أَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى صِفَاتِ الرَّحْمَنِ.
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ لَهُ وَجْهًا؛ فَقَالَ: ﴿وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ﴾ [الرَّحمن: 27].
([1]) أخرجه: البخاري، رقم (774).