×
عقيدة التوحيد

أَمَّا إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهَا تَدْفَعُ أَوْ تَرْفَعُ البَلاَءَ بِنَفْسها، فَهَذَا شِرْك أَكْبَرُ؛ لأَِنَّهُ تَعَلَّق بِغَيْرِ اللهِ.

القِسْمُ الثَّانِي مِنَ الشّركِ الأَصْغَرِ: شِرْك خَفِيّ؛ وَهُوَ الشّرْكُ فِي الإِرَادَاتِ وَالنّيَّاتِ؛ كَالرّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ؛ كَأَنْ يَعْمَلَ عَمَلاً مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ؛ يُرِيدُ بِهِ ثَناءَ النَّاسِ عَلَيْهِ؛ كَأَنْ يُحَسّنَ صَلاَتَهَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ؛ لَأَجْلِ أَنْ يُمْدح وَيُثْنَى عَلَيْهِ، أَوْ يَتَلَفَّظَ بِالذّكْرِ وَيُحَسّنَ صَوْتَهُ بِالتّلاَوَةِ؛ لأَِجْلِ أَنْ يَسْمَعَهُ النَّاسُ، فَيُثْنُوا عَلَيْهِ وَيَمْدَحُوهُ.

وَالرّيَاءُ إِذَا خَالَطَ العَمَلَ أَبْطَلَهُ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا[الكهف: 110]، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ: الشّركُ الأصغَرُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الشّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ: «الرّيَاءُ» ([1]).

وَمِنْهُ: العَمَلُ لأَِجْلِ الطَّمَعِ الدُّنْيَوِيّ؛ كَمَنْ يَحُجُّ أَوْ يُؤَذّنُ أَوْ يَؤُمُّ النَّاسَ لأَِجْلِ المَالِ، أَوْ يَتَعَلَّمُ العِلْمَ الشَّرْعِيَّ، أَوْ يُجَاهِدُ لأَجْلِ المَالِ؛ قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدّينَارِ، وَتَعِسَ عَبْدُ الدّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيصَةِ؛ إِنْ أُعْطِىَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ» ([2]).

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيّمِ رحمه الله: «وَأَمَّا الشّرْكُ فِي الإِرَادَاتِ وَالنّيَّاتِ، فَذَلِكَ البَحْرُ الَّذِي لاَ سَاحِل لَهُ، وَقَلَّ مَنْ يَنْجُو مِنْهُ؛ فَمَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ غَيْر وَجْهِ اللهِ، وَنَوَى شَيْئًا غَيْر التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَطَلَبِ الجَزَاءِ مِنْهُ، فَقَدْ أَشْرَكَ فِي نِيَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (23686)، والطبراني، رقم (4301)، والبيهقي، رقم (6831).

([2])  أخرجه: البخاري، رقم (2730).