إِسْلاَمِهِ-: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، فَلَمَّا
أَسْلَمْتُ، لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ، وَلاَ أَجَلَّ فِي
عَيْنَيَّ مِنْهُ»، قال: «وَلَوْ
سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ لَكُمْ، لَمَا أَطَقْتُ؛ لأَِنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ
عَيْنَيَّ مِنْهُ؛ إِجْلاَلاً لَهُ».
وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
لِقُرَيْشٍ: «يَا قَوْمِ، وَاللهِ لَقَدْ
وَفَدتُّ إِلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ وَالمُلُوكِ، فَمَا رَأَيْتُ مَلِكًا
يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ، مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللهِ
مَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ، تَعْظِيمًا لَهُ، وَمَا تَنَخَّمَ نُخَامَةً
إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيَدْلُكُ بِهَا وَجْهَهُ
وَصَدْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ» ([1]).
·
النَّهْيُ
عَنِ الغُلُوِّ وَالإِطْرَاءِ فِي مَدْحِهِ صلى الله عليه وسلم:
الغُلُوُّ: تَجَاوُزُ
الحَدِّ؛ يُقَالُ: غَلاَ غُلُوًّا: إِذَا تَجَاوَزَ الحَدَّ فِي القَدْرِ؛ قَالَ
تَعَالَى: ﴿لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ﴾
[النِّسَاء: 171]؛ أَيْ: لاَ تَجَاوَزُوا الحَدَّ.
وَالإِطْرَاءُ:
مُجَاوَزَةُ الحَدِّ فِي المَدْحِ، وَالكَذِبُ فِيهِ.
وَالمُرَادُ بِالغُلُوِّ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم: مُجَاوَزَةُ الحَدِّ فِي قَدْرِهِ؛ بِأَنْ يُرْفَعَ
فَوْقَ مَرْتَبَةِ العُبُودِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَيُجْعَلَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ
خَصَائِصِ الإِلهِيَّةِ، بِأَنْ يُدْعَى وَيُسْتَغَاثَ بِهِ دُونَ اللهِ،
وَيُحْلَفَ بِهِ.
وَالمُرَادُ بِالإِطْرَاءِ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يُزَادَ فِي مَدْحِهِ، فَقَدْ نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ؛ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([2])؛ أَيْ: لاَ تَمْدَحُونِي بِالبَاطِلِ، وَلاَ
([1]) أخرجه: البخاري، رقم (2581).