«وَإِيَّاكُمْ
وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ
ضَلاَلَة» ([1])،
وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدّ» ([2])،
وَفِي رِوَايَةٍ: «مِنْ عَمِلَ عَمَلاً
لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدّ» ([3])؛
فَدَلَّ الحَدِيثَانِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُحْدَثٍ فِي الدِّينِ فَهُوَ بِدْعَة؛
وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَة مَرْدُودَة، وَمَعنى ذَلِكَ أَنَّ البِدَعَ فِي
الِعبَادَاتِ وَالاِعْتِقَادَاتِ مُحَرَّمَة، وَلَكِنَّ التَّحْرِيمَ يَتَفَاوَتُ
بِحَسَبِ نَوْعِيَّةِ البِدْعَةِ:
* فَمِنْهَا مَا هُوَ كُفْر
صُرَاح؛ كَالطوَافِ بِالقُبُورِ تَقَرُّبًا إِلَى أَصْحَابِهَا، وَتَقْدِيمِ
الذَّبَائِحِ وَالنُّذُورِ لَهَا، وَدُعَاءِ أَصْحَابِهَا، وَالاِسْتِغَاثَة
بِهِمْ، وَكَأَقْوَالِ غُلاَة الجَهْمِيَّةِ وَالمُعْتَزِلَة.
* وَمِنْهَا مَا هُوَ مِنْ
وَسَائِلِ الشِّرْكِ؛ كَالبِنَاءِ عَلَى القُبُورِ، وَالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ
عَنْدَهَا.
* وَمِنْهَا مَا هُوَ فِسْق
اعْتِقَادِي؛ كَبِدْعَةِ الخَوَارجِ وَالقَدَرِيَّةِ وَالمُرْجِئَةِ فِي
أَقْوَالِهِمْ وَاعتَقَادَاتِهِمُ المُخَالِفَةِ لِلأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
* وَمِنْهَا مَا هُوَ
مَعْصِيَة؛ كَبِدْعَةِ التَّبَتُّلِ، وَالصِّيَامِ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ،
وَالخِصَاءِ؛ بِقَصْدِ قَطْعِ شَهوَةِ الجِمَاعِ.
·
تَنْبِيه:
منْ قَسَّمَ البِدْعَةَ إِلَى بِدْعة حَسَنَةٍ وَبِدْعَةٍ سَيِّئَةٍ، فَهُوَ مُخْطِئٌ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَة»؛ لأَِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم حَكَمَ عَلَى البِدَعِ
([1]) أخرجه: أحمد رقم (17184)، وأبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2681)، وابن ماجه رقم (42).