والآية
مذكورة بعد قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن تَابَ
وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ﴾
[القصص: 67]، وكما أنه خلقهم، اختار منهم هؤلاء، وهذا الاختيار راجعٌ إلى حكمته
سبحانه.
وعلمه
بمن هو أهل له، لا إلى اختيار هؤلاء واقتراحهم. وهذا الاختيار العام من أعظم آيات
ربوبيته وأكبر شواهد وحدانيته، وصفات كماله، وصدق رسله.
****
لا يختار أحدًا أو مكانًا لغير حكمة، فقد اختار
سبحانه وتعالى من البشر الرسل والأنبياء، ﴿ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ﴾ [الحج: 75]، واختار من البقاع مكة المكرمة، والبيت
العتيق، فهي خير بقاع الأرض، واختار من الزمان شهر رمضان، وعشر ذي الحجة، اختارها
من الزمان سبحانه وتعالى، وفضلها على غيرها، فهو يختار -سبحانه-.
لأنهم لا يعلمون
مواقع الاختيار، وإنما يعتمدون على أهوائهم ورغباتهم وشهواتهم، ولا يعلمون، أو
يعلمون شيئًا من ذلك، ولكن يعميهم الهوى والرغبة عن اختيار ما هو الأصلح.
اختياره -سبحانه- دليلٌ على علمه، وفيه دليل على حكمته، ودليل على عدله -سبحانه- وفضله ورحمته بخلقه، يختار لهم ما يصلحهم في دينهم ودنياهم.