ولما سافر هو وأصحابه في غزوة تبوك قطعوا تلك الرمال
وماؤهم في غاية القلة، ولم يرو عنه أنه حمل معه التراب، ولا أمر به، ولا فعله أحد
من أصحابه. ومن تدبر هذا قطع بأنه كان يتيمم بالرمل.
****
وخصائصه صلى الله
عليه وسلم كثيرة، ليست محصورة في هذه الخمس، وإنما هذه الخمس منها، أو من أهمها.
بين المدينة وبين
تبوك رمال، تسمى النفود، مسافة طويلة، وهم مع الرمال، ولم يرد أنه صلى الله عليه
وسلم حمل معه التراب، أو أمر بحمله.
كذلك أصحابه من بعده
ما كانوا يحملون معهم التراب، قد يسأل سائل، ويقول: المريض الذي يحتاج إلى التيمم،
إذا كان في غرفة وليس عنده تراب، ولا رمل، ما عنده إلا فرش، فماذا يعمل؟ فقالوا:
يضرب على شيء عليه تراب، يضرب على الجدار أو الأرض، أي شيء عليه غبار طهور يضرب
عليه، ويكفي التيمم، يكفيه التيمم بالغبار الذي على الجدار، أو على كيس، أو ما
أشبه ذلك.
لا شك، من تأمل قصة غزوة تبوك، وأنه لم يحمل معه التراب، ولا معهم ماء كثير يتوضؤون، علم يقينًا أنه كان يتيمم بالرمل، ومع عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي الصَّلاَةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَعِنْدَهُ طَهُورُهُ» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (335)، ومسلم رقم (521).