ولم
يشغله ذلك عن مراعاة المأمومين مع كمال حضور قلبه،
****
فالصلاة تعين على
المشاق وعلى حَلِّ المشاكل، ففيها عون للعبد، وفيها راحة لقلبه، وكانت هي قرة عين
الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ كما في الحديث: «حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ
وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ» ([1])، أما كلمة «مِنْ
دُنْيَاكُمُ»، فهذه لم تثبت، فهي قرة عين الرسول صلى الله عليه وسلم، مما يدل
على عظمة هذه العبادة ومكانتها، وأن الإنسان يقدرها حق قدرها، ويرتاح لها، ويطمئن
فيها؛ لأنها هي الصلة بينه وبين الله سبحانه وتعالى.
فكان إذا حزبه شيء،
فزع إلى الصلاة، وقال: «يَا بِلاَلُ، أَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ»، ولم يقل:
أرحنا من الصلاة. بل يقول: أرحنا بها؛ لأنها راحة، وبعض الكسالى يقول: أرحنا من
الصلاة، ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ
إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ﴾ [البقرة: 45]، الذي ليس في قلبه خشوع تكون ثقيلة عليه،
وكبيرة عليه، يكون كأنه في سجن ما دام في الصلاة، لا يجد لها طعمًا ولا راحة،
وإنما يعتبرها حركات وقيامًا وقعودًا فقط.
كان يراعي المأمومين؛ يسوي صفوفهم، ويأمرهم بالاعتدال وبسد الفرج، ويعتني بهم، وأيضًا كان يخفف إذا احتاج إلى التخفيف، إذا كان المأمومون لا يتحملون الطول، كان يخفف صلى الله عليه وسلم ؛ فهو يراعي أحوالهم، فلا يقتصر على عنايته بالصلاة فقط، وإنما مع هذا يراعي أحوال المأمومين.
([1])أخرجه: النسائي رقم (3940)، وأحمد رقم (12293).