ولذلك
كان يصليهما بسورتي «الإخلاص» و«الكافرون»، وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل،
وتوحيد المعرفة والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد. فـ ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]
متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للرب تعالى من الأحدية المنافية
لمطلق الشركة بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد المقرر لكمال صمديته، وغناه
وأحديته، ونفي الكفء المتضمن لنفي الشبيه والمثيل والنظير، فتضمنت إثبات كل كمال،
ونفي كل نقص، ونفي إثبات شبيه له أو مثيل في كماله، ونفي مطلق الشرك، وهذه الأصول
هي مجامع التوحيد العلمي الذي يباين صاحبه جميع فرق الضلال والشرك، ولهذا كانت
تعدل ثلث القرآن، فإن مداره على الخبر والإنشاء، والإنشاء ثلاثة: أمر، ونهي،
وإباحة. والخبر نوعان: خبر عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وأحكامه، وخبر عن خلقه.
فأخلصت سورة الإخلاص للخبر عنه، وعن أسمائه، وصفاته، فعدلت ثلث القرآن.
****
كان يصلي راتبة الفجر والوتر -أيضًا- بسورتي الإخلاص -أي: التوحيد-، وهما: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [الكافرون: 1]، ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، وسورة الكافرون في توحيد الألوهية، توحيد العبادة و﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ هذه في توحيد الربوبية والأسماء والصفات.