×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

ولما كان العلم قبل العمل، وهو إمامه وسائقه والحاكم عليه، كانت ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ [الاخلاص: 1] تعدل ثلث القرآن ([1])، و﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ [الكافرون: 1] تعدل ربع القرآن ([2])، ولما كان الشرك العملي أغلب على النفوس لمتابعة الهوى، وكثير منها ترتكبه مع علمها بمضرته وقلعه أشد من قلع الشرك العلمي؛ لأنه يزول بالحجة ولا يمكن لصاحبه أن يعلم الشيء على غير ما هو عليه، جاء التأكيد والتكرير في ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ [الكافرون: 1].

****

فتوحيد الألوهية أهم من توحيد الربوبية، وإن كان توحيد الربوبية يدخل في توحيد الألوهية، توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، يدخل فيه، وأما توحيد الربوبية، فهو مستلزم لتوحيد الألوهية، ولا يدخل فيه، لكنه مستلزم له، يلزم من أقر بالربوبية أن يخلص العبادة لله عز وجل، فهما متلازمان -توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية-، لا ينفرد أحدهما عن الآخر، فهاتان السورتان في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية. وتكرار العبادة في ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١ لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ ٢ وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٣ وَلَآ أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ ٤ وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٥ لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: 1- 6]، فتكرارها لتأكيد إفراد الله جل وعلا بالعبادة، وترك عبادة ما سواه؛ لأن الاعتراف بتوحيد الألوهية ضل فيه كثير من الخلق، خلاف توحيد الربوبية، فالقلوب مفطورة عليه، ولا ينكره أحد من الخلق، إلا من باب المكابرة والعناد.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (811).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (2894).