×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

والمقصود من القرآن تدبره وتفهمه والعمل به، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه، كما قال بعض السلف: «نزل القرآن ليعمل به، فاتخذوا تلاوته عملاً»، قال شعبة: حدثنا أبو جمرة، قال: إِنِّي رَجُلٌ سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ، وَرُبَّمَا قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَأَنْ أَقْرَأَ سُورَةً وَاحِدَةً أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِك الَّذِي تَفْعَلُ، فَإِنْ كُنْتَ فَاعِلاً وَلاَ بُدَّ، فَاقْرَأْهُ قِرَاءَةً تُسْمِعُ أُذُنَيْكَ، وَيَعِيهَا قَلْبُكَ» ([1]).

****

  المقصود من القرآن تدبره والعمل به، وأما التلاوة، فوسيلة، وليست غاية، والذي يقتصر على تلاوة القرآن هذا محروم، فلا بد مع قراءته أن يتدبره، وأن يعمل به، هذا هو المطلوب، وإنما التلاوة وسيلة للتدبر والعمل، فلا يقتصر الإنسان على الوسيلة، ويترك الغاية، قال تعالى: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [ص: 29]، وقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ [محمد: 24]، وقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا [النساء: 82].

يعني: اقتصروا على تلاوته، ولم يتدبروه، ولم يعملوا به، هذا يكون من الذين يقيمون حروف القرآن، ولا يعملون بحدوده.

يعني: يقرأ سورة واحدة، ويتدبرها أفضل من أنه يسرد القرآن كله ولا يتدبره، وأرشده ابن عباس رضي الله عنهما أن مع السرعة يكون التدبر أقل.


الشرح

([1])أخرجه: البيهقي في السنن الكبرى رقم (4061).