وربما
قال صلى الله عليه وسلم في سجوده: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ،
وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتُهِ» ([1])، ولم
ينقل عنه أنه كان يكبر للرفع من هذا السجود، ولا تشهد، ولا سلم البتة. وصح عنه أنه
سجد في «الم تنزيل»، وفي «ص»، وفي النجم.
****
و«كَبرَ وسَجَدَ»:
هذا فيه دليل على أنه يُكَبرَ إذا سجد سجود التلاوة، ولم يرد أنه يكبر إذا رفع،
ولا أنه يسجد للتشهد، ولا أنه يسلم منها، فيسجد بتكبير، ثم يقوم بلا تكبير وبلا
تسليم، هذا سجود التلاوة.
يقول في سجود
التلاوة ما يقوله في سجود الصلاة: سبحان ربى الأعلى، يكررها، وإذا دعا مع ذلك،
فمستحب، ومنه هذا الحديث، وهذا الدعاء، وكذلك إذا قال: «اللَّهُمَّ لَكَ
سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي
خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عِنْدَكَ لِي ذُخْرًا، وَاحْطُطْ
عَنِّي بِهَا وِزْرًا، فَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ
دَاوُدَ» ([2])، فأيضًا هذا وارد.
سجود مجرد، ولم يثبت
عنه إلا التكبير والدعاء في أثنائه.
في «ص» في قوله تعالى عن داود عليه السلام: ﴿فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ۩﴾ [سورة ص: 24]، السجود يُسمى ركوعًا، هذا على أنه سجود تلاوة، وقيل: إنه سجود شكر، لما غفر الله له، وتاب عليه،
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1414)، والترمذي رقم (580)، والنسائي رقم (1129).