وذكر
ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ كَفَّ
بَصَرُهُ، فَإِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَيَسْمَعُ الأَْذَانَ بِهَا؛
اسْتَغْفَرَ لأَِبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَمَكَثَ حِينًا أَسْمَعُ
ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ عَجْزًا أَلَّا أَسْأَلَهُ، فَقُلْتُ: يَا
أَبَتَاهُ، أَرَأَيْتَ اسْتِغْفَارَكَ لأَِسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا
سَمِعْتَ الأَْذَانَ يوم الْجُمُعَة؟ قَالَ: «أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أَسْعَدُ
أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ بِنَا بِالْمَدِينَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ،
يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ»، قُلْتُ: فَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:
أَرْبَعُونَ رَجُلاً. قال البيهقي: هذا حديث حسن صحيح الإسناد ([1]).
انتهى.
****
كعب بن مالك رضي الله عنه هذا من سادات الأنصار،
وهو من شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ
عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ﴾ [التوبة: 118]، إلى
آخر الآية.
وأسعد بن زرارة من
سادات الأنصار وممن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة، أما قوله: «إِنَّ
عَجْزًا أَلَّا أَسْأَلَهُ» أي: عن استغفاره لأسعد بن زرارة، فبين أنهم صلوا
الجمعة قبل أن يقدم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمهم أسعد بن زرارة.
وأما قوله: «فَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلاً»، فمن هذا أخذ بعض العلماء أن نصاب الجمعة لا بد أن يكون أربعين رجلاً، ولكن هذا لا دلالة فيه.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1069)، وابن ماجه رقم (1082)، والبيهقي رقم (5606).