واستسقى
مرة، فقام إليه أبو لبابة، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ التَّمْرَ فِي
الْمَرَابِدِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا حَتَّى يَقُومَ أَبُو لُبَابَةَ
عُرْيَانًا فَيَسُدُ ثَعْلَبَ مِرْبَدِهِ بِإِزَارِهِ» فأمطرت، فاجتمعوا إلى أبي
لبابة، فَقَالُوا: إِنَّهَا لَنْ تُقْلِعَ حَتَّى تَقُومَ عُرْيَانًا، فَتَسُدُ
ثَعْلَبَ مَرْبَدِكَ بِإِزَارِكَ، فَفَعَلَ، فَأَقْلَعَتِ السَّمَاءُ ([1])،
ولما كثر المطر سألوه الاستصحاء، فاستصحى لهم، وقال: «اللَّهُمَّ، حَوَالَيْنَا
وَلاَ عَلَيْنَا، اللهُمَّ، عَلَى الآْكَامِ، وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ
الأَْوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» ([2])،
****
قد يقول قائل: ألسنا
الآن نستسقي عدة مرات، ولا ينزل علينا مطر، نقول: نعم، نستسقي شكلاً فقط، ولا
نستسقي بقلوبنا متضرعين إلى الله عز وجل تائبين من الذنوب، فلذلك لا يستجاب لنا؛
لأن الاستجابة لها شروط، ما كل دعاء يستجاب، لا بد من شروط الاستجابة.
وهذه مرة من المرات:
أنه استسقى والتمور لا تزال في المرابد، وهي الأمكنة التي تجمع فيها بعد الجذاذ،
فقام أبو لبابة يقول: إن التمور في المرابد؛ يعني: يخشى عليها أن يفسدها المطر،
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إلى اعتراض أبي لبابة رضي الله عنه، بل إنه
استمر في دعائه.
هذا كما سبق أنه لما كثر المطر أسبوعًا كاملاً، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يمسكها عنهم، وهو دعاء الاستصحاء، إذا
([1])أخرجه: أبو عوانة في مستخرجه رقم (2515)، والطبراني في الدعاء رقم (2186)، والبيهقي رقم (6435).