كانوا ركبًا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ»؛ لأن الواحد يتعرض للأخطار، ولا يستطيع أن يتخلص منها وحده، والاثنان قد يحصل بينهما نزاع، فيقتتلان، أو يقتل أحدهما الآخر، ولا يفصل أحد بينهما، أما الثلاثة، فلا؛ الثلاثة جماعة.
فلا يسافر الإنسان وحده، ولا يسافر اثنان فقط، بل يكونون ثلاثة فأكثر، فإذا كانوا ثلاثة فأكثر، فإنهم يؤمرون عليهم مَن يرجعون إليه في أمور السفر، أمور النزول، وأمور الرحيل؛ يرجعون إليه؛ لئلا يحصل نزاع بينهم في هذه الأمور، فتأمير الأمير سنة نبوية، وهي إمارة مؤقتة ومحدودة في السفر، لا في الحضر.
فالذين يتخذون أمراء في الحضر، ويبايعون، هؤلاء مبتدعة، هذا خلاف السنة، في الحضر أمير المسلمين واحد، تحت ولي الأمر، أما هذه الإمارة، فعارضة في السفر فقط للحاجة، فليس في هذا حجة لهذه الجماعات التي تؤمر عليها أميرًا وتبايعه، هذا خروج على ولي الأمر، وهذا تفرق، وقد نهينا عن التفرق، وأُمرنا بالاجتماع.