وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الاقتصار على الفرض، ولم يحفظ عنه أنه صلى السنة قبلها ولا بعدها إلا سنة الفجر والوتر،
****
يقصر، وعمله سنة، فنحن نقصر؛ عملاً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو لم نجد ذلك في القرآن؛ لأن الذي في القرآن: ﴿وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ أَن يَفۡتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْۚ﴾ [النساء: 101] فلعلها هي صلاة الخوف، قصر الصفة لا قصر العدد، وقيل: المراد: قصر العدد، ولما سئل صلى الله عليه وسلم: ما بالنا نقصر وقد أمنّا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ؛ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ([1]).
وهذا من التخفيف على المسافر؛ كما أن الله أباح له الفطر في نهار رمضان، فقد أمره بالقصر -قصر الرباعية- في السفر؛ رحمة منه سبحانه وتعالى بعباده، وهذا من أحكام السفر؛ القصر والفطر في رمضان.
كان من هديه صلى الله عليه وسلم في السفر -كما سبق- قصر الصلاة الرباعية، والاقتصار على الفرض؛ فلا يصلي معها راتبة، لا قبلها ولا بعدها، إلا راتبة الفجر والوتر، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعها لا حضرًا ولا سفرًا، فالرواتب التي مع الفرائض غير راتبة الفجر السنة تركها.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: «لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ صَلاَتِي» ([2])، «لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا»؛ أي: مصليًا نافلة، لأتممت الصلاة، كون الله يخفف عنك صلاة الفريضة إلى ركعتين، وأنت تشق على نفسك، فتصلي معها راتبة،
([1])أخرجه: مسلم رقم (686).