وكان صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع القرآن من غيره، وأمر ابن مسعود، فقرأ وهو يسمع. وخشع حتى ذرفت عيناه ([1]).
****
فحينًا يقول: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». وحينًا يقول: «اللَّهُمَّ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ». قالوا: «هَمْزِهِ» الموتى؛ لأنه يحضر عند المحتضر ليضله، قال الله جل وعلا: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ ٩٧ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ﴾ [المؤمنون: 97- 98] ؛ أي: عند الموت.
«وَنَفْخِهِ»: النفخ هو الكبر.
«وَنَفْثِهِ»: الشعر من نفث الشيطان، فهو يستعيذ من هذه الآفات الثلاث، التي يأتي بها الشيطان إلى ابن آدم.
كان صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن بنفسه، وهذا كثير، كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا على كل أحيانه، ولا يمنعه من قراءة القرآن إلا الجنابة، إذا كان جنبًا، لا يقرأ ولا حرفًا حتى يغتسل، وإذا لم يكن عليه جنابة، فإنه كان يقرأ القرآن صلى الله عليه وسلم.
وكان -أيضًا- يحب أن يسمعه من غيره من القراء، فهذا يدل على أن استماع القرآن فيه فضيلة، قال جل وعلا: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فكان يقرؤه بنفسه، ويستمعه -أيضًا- من غيره.
([1])أخرجه: البخاري رقم (4582)، ومسلم رقم (800).