×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تعلية القبور، ولا بناؤها،

****

كذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم في القبور أنها تدفن بترابها، وترفع عن الأرض قدر شبر؛ ليعلم أنه قبر؛ فلا يهان، ولا يوطأ عليه، ويسنم من أجل أن ينزل ماء المطر، ولا يجتمع فوق سطح القبر، هكذا كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبور أصحابه.

لا يكون القبر لاطئًا لا يرتفع عن الأرض، ولا يعلم أنه قبر، مساويًا للأرض، ولا يكون مرتفعًا أكثر من شبر، هذا هو الاعتدال في القبور، وأمر صلى الله عليه وسلم بهدم المرتفع من القبور، وإزالة الارتفاع؛ لأن هذا وسيلة إلى الشرك، والاعتقاد في هذا الميت أنه ينفع ويضر.

فكان صلى الله عليه وسلم يأمر بتسوية القبور المرتفعة، قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: «لاَ تَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ»، والمشرف يعني: المرتفع، و«سَوَّيْتَهُ» يعني: أزلت ارتفاعه، «وَلاَ صُورَةً إِلاَّ طَمَسْتَهَا»، فعلي رضي الله عنه عمل بذلك، وقال لأبي الهياج الأسدي: أَلاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ «أَنْ لاَ تَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ، وَلاَ صُورَةً إِلاَّ طَمَسْتَهَا» ([1])، فبلغ الأمة بذلك؛ ليعملوا به، هذا هديه صلى الله عليه وسلم في دفن الميت، وشكل القبر.

«ولا بناؤها»: تعليتها بتراب، أو أشد من ذلك البناء عليها، يبنى عليها قبة، أو يبنى عليها أسوارًا؛ لأن هذا مدعاة للغلو فيها، وهذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنه أمر بإزالة ذلك إذا وجد.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (969).