×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

ولذلك كان صلى الله عليه وسلم أشرح الخلق صدرًا، وأطيبهم نفسًا، فإن للصدقة والمعروف تأثيرًا عجيبًا في شرح الصدر،

****

 فهو كنافخ الكير، إذا جلست عنده: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد رائحة خبيثة ([1]).

«كان صلى الله عليه وسلم أشرح الخلق صدرًا»؛ يعني: أوسعهم صدرًا؛ حتى إنه كان لا ينتصر لنفسه، فإذا أساء إليه أحد، فإنه لا ينتصر لنفسه صلى الله عليه وسلم، بل يعفو ويسمح. وأما إذا انتهكت محارم الله سبحانه وتعالى، فإنه يغضب، وينتقم لله عز وجل، وأما حقه صلى الله عليه وسلم، فكان يتسامح فيه، فيحلم على من جهل عليه أو تكلم عليه، جاءه رجل يتقاضى منه دينًا، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يبادر بإعطائه، فتكلم الرجل على الرسول صلى الله عليه وسلم، فهمّ أصحابه بالرجل أن يوقعوا به، فقال صلى الله عليه وسلم: «دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالاً» ([2])، ثم صلى الله عليه وسلم أمر بأن يُقضى دينه، وأن يزاد على دينه، فهذا من أخلاقه صلى الله عليه وسلم.

أشرحهم صدرًا أي: أوسعهم صدرًا على الناس، والصبر على ما يواجه منهم، انظروا إلى صبره صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين في مكة، وما يفعلونه معه صلى الله عليه وسلم، وما يقابلهم به، حتى إنه صلى الله عليه وسلم أثر فيهم، فقبلوا الإسلام، دخلوا في الإسلام، وندموا على ما حصل منهم.

أسباب انشراح الصدر، سعة الصدر والطمأنينة هذه لها أسباب، ومن أعظم أسبابها: الصدقة، والمعروف؛ فإن الصدقة تشرح صدر المتصدق، والمعروف يشرح صدر صاحب المعروف، ويوسعه.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5534)، ومسلم رقم (2628).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2306).