×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

وفرض أولاً على وجه التخيير بينه وبين أن نطعم كل يوم مسكينًا، ثم حتم الصوم.

****

أما الصيام، فإنه تأخر فرضه إلى المدينة، إلى أن يقوى الإيمان في النفوس، وتستعد لقبوله واستقباله، وقد تربت على الطاعة والرغبة في الخير، عند ذلك شرع الله عز وجل الصيام، فشُرِع في السنة الثانية من الهجرة، وصام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات؛ لأن مقامه في المدينة عشر سنوات، وفُرِض في السنة الثانية من الهجرة؛ يعني: مضت سنة، فبقيت تسع، صامها صلى الله عليه وسلم.

هذه ناحية لتسهيل الصيام:

أولاً: تأخير فرضيته إلى أن استعدت النفوس لقبوله والصبر عليه.

الأمر الثاني: أن الله سبحانه وتعالى فرضه على التدريج، لم يفرضه من أول وهلة شهرًا كاملاً، ولم يحتمه، بل إنه عز وجل خيَّرَ بين الصيام وبين الإطعام، قال تعالى: ﴿أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 184].

فكان في أول الأمر مخيرًا بين الصيام أو الإطعام، عن كل يوم إطعام مسكين، هذا تدريج للأمة وتربية لهم على الصيام.

فلما تدرجوا، نقلهم الله جل وعلا إلى صيام رمضان، وفرضه، ووحده، ولم يخير فيه، قال تعالى: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ [البقرة: 185]، فأوجب وحُتِّمَ الصيام على القوي، ولكن يبقى


الشرح