فقوله: «إِنِّي
لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ» هذا يدل على أن الوصال في الصيام هذا من خصائصه صلى
الله عليه وسلم.
وقوله: «إِنِّي أَبِيتُ
يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي»، هم لا يحصل لهم هذا، هذا خاص بالرسول صلى
الله عليه وسلم.
لكن هل هذا الإطعام
والإسقاء حسيٌّ؟ هل يؤتى بطعام من الجنة وشراب من الجنة؟ قال بهذا بعض العلماء،
لكن هذا غير صحيح، ولكن المراد الإطعام المعنوي والإسقاء المعنوي؛ أن الله عز وجل
يقويه، ويتلذذ بعبادة ربه بما يغنيه عن لذة الطعام والشراب، وهذا من خصائصه صلى
الله عليه وسلم.
إلا أنهم لما ألحوا
عليه؛ لحرصهم على الخير والاقتداء، لما ألحوا عليه بطلب الوصال، أمرهم بالوصال إلى
السَّحر، ثم يأكلون وقت السَّحَر؛ لأن الله أباح لهم الأكل في أول الليل، فإذا
أخروه إلى آخر الليل، حصل المطلوب، فيواصلون إلى السَّحَر.
ولما لم يقنعوا بذلك -لحرصهم على الخير-، واصل بهم صلى الله عليه وسلم يومين، حتى رؤي الهلال في آخر الشهر؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَأَخَّرَ الهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ» كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ ([1])؛ أي: لو تأخر الهلال، لزدتكم وصالاً أيامًا؛ تنكيلاً لهم، كالمنكل لهم صلى الله عليه وسلم، فهو يريد لهم السهولة وعدم المشقة؛ كما قال تعالى: ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ﴾ [البقرة: 185].
([1])أخرجه: البخاري رقم (7299)، ومسلم رقم (1103).