وتضيق
مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب، فهو لجام المتقين.
****
وهذا -أيضًا- من أعظم الحكم في الصيام؛ لأن
الشيطان يخالط الإنسان بالمس، فهو يدخل فيه، ويجري منه مجرى الطعام والشراب،
فيحمله على الأشر والبطر والمعاصي بواسطة الأكل والشرب وطغيان النفس، والصيام يضيق
مجاري الشيطان في الإنسان، ولذلك تحبس الشياطين في شهر رمضان عن الصائمين
والقائمين؛ لأجل أن يتمكنوا من عبادة ربهم، تخلصوا من الشيطان، فالصيام من أعظم
فوائده أنه يخلص الإنسان من شر الشيطان، الذي يجري منه مجرى الدم، فليس الشيطان من
الخارج، بل إنه يلابسه، ويجري منه مجرى الدم؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ([1]).
فإذا ضعف الدم بترك
الطعام والشراب، لم يكن للشيطان سبيل إلى العبد؛ لأنه فقد الوسيلة التي بها يحمل
العبد على الأشر والبطر، وهذا من أعظم فوائد الصيام، أنه انتصار على النفس الأمارة
بالسوء، وانتصار على الشيطان العدو المبين.
الصيام لجام المتقين؛ أي: يلجمهم عن الشر، وعن الكلام المحرم، والغيبة، والنميمة، وقول الزور؛ لأن هذه الأمور لا تتناسب مع الصيام، أو يلجمهم عن الكلام المحرم، وهذا من فوائد الصيام.
([1])أخرجه: البخاري رقم (3281)، ومسلم رقم (2175).