فهو ترك المحبوبات لمحبة الله، وهو سر بين العبد
وربه ؛ إذ العباد قد يطلعون على ترك
المفطرات الظاهرة،
****
وليس فعل شيء يشاهده
الناس مثلما يشاهدون المصلي حينما يصلي، ويشاهدون المتصدق، يدخله الرياء، وأما
الصيام، فإنه لا يُدرى عنه، لا تفرق بين الصائم وغير الصائم إذا رأيتهم، لا تستطيع
أن تفرق بينهم، إلا أن هذا يتناول شهواته، وهذا ممسك عنها؛ تركها لله عز وجل، فهو
ترك، وليس فعلاً، ولهذا تولى الله جل وعلا جزاءه من بين سائر الأعمال، فقال جل
وعلا: «وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».
يترك ما تحبه نفسه
لما يحبه ربه، فيؤثر محبة الله على محبة نفسه، فهذا من أعظم مزايا الصيام أنه
إيثار لما يحبه الله على ما تحبه نفسه.
هو سر بين العبد
وربه؛ لأنه نية باطنة، لا يعلمها إلا الله، فقد يترك الطعام والشراب لأمر من
الأمور، ولكن كونه يتركه لله عز وجل، هذا سر لا يطلع عليه أحد إلا الله سبحانه
وتعالى.
يطلعون على أن هذا
لا يأكل ولا يشرب، لكن لأجل أي شيء؟ لا يعلمون السر في هذا، هذا بينه وبين الله
سبحانه تعالى.
ولذلك امتاز الصيام على غيره من سائر الأعمال؛ لأن سائر الأعمال يطلع عليها من العباد، خلاف الصيام؛ فلا يطلع عليه إلا الله.