وأما
كونه ترك ذلك لأجل معبوده، فأمر لا يطلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم.
وله
تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة عن التخليط الجالب لها المواد
الفاسدة،
****
هذه حقيقة الصوم؛ أنه سر بين العبد وبين ربه.
كما أن له سرًّا
عجيبًا في حفظ النفس وأهوائها وميولاتها، وهذا لا يطلع عليه إلا الله، فكذلك هو
حبس للجوارح -وهي الأعضاء-، حبس لها من الأعمال الظاهرة: من الكلام فيما لا يجوز،
ومن السماع لما يحرم الاستماع له، ومن الأفكار القلبية التي لا تجوز. ويكف يده عن
الإساءة للناس: بقتل، أو ضرب، أو أخذ لأموالهم، ويحفظ رجله من أن تمشي إلى محرم:
إلى ملاهٍ، إلى سينما، إلى محلات الشر، يحبس الرِجل.
كذلك من فوائد الصيام: أن فيه صحة للبدن -فائدة طبية- ؛ فإن الإنسان إذا أكثر من الأكل والشرب والمشتهيات، فإن هذا يؤثر على صحته، ويبتلى بمرض عضال بسبب الأكل أو الشرب، فالصيام فيه حماية له من التخليط الجالب للأمراض في المعدة. ولذلك تجد الصائم أخف من غيره حركة ونفسًا، وأصح من غيره، والأطباء يوصون المرضى بالحمية، فدل هذا على أن الحمية علاج، والصيام حمية من هذه الأمور، ولهذا يروى في الحديث: «صُومُوا تَصِحُّوا» ([1]).
([1])أخرجه: الطبراني في الأوسط رقم (8312).