وقلد
صلى الله عليه وسلم قبل الإحرام بدنه نعلين، وأشهرها في جانبها الأيمن، فشق صفحة
سنامها، وسلت الدم عنها ([1]).
وإنما
قلنا: إنه أحرم قارنًا لبضعة وعشرين حديثًا صريحة صحيحة في ذلك.
****
لأنه كان معه مائة بدنة، هدي أهداها صلى الله
عليه وسلم إلى البيت، والبدن هذه تميز عن غيرها، سواء كانت إبلاً أو غنمًا، فالإبل
تقلد بأن يجعل لها قلائد؛ كما قال تعالى: ﴿۞جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلۡكَعۡبَةَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ قِيَٰمٗا لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَٱلۡهَدۡيَ وَٱلۡقَلَٰٓئِدَۚ
ذَٰلِكَ لِتَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي
ٱلۡأَرۡضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: 97].
فالقلائد التي تكون
على الهدي على رقابها، يَجعل فيها نعالاً؛ ا لتعرف أنها هدي، فلا يتعرض لها، وتشعر
الإبل بسنامها، بأن يكشط السنام بالسكين، فإذا سال الدم يُسْلَت على صفحة السنام؛
حتى تعرف أنها هدي، فلا يتعرض لها.
وأما الغنم، فلا
تتحمل الإشعار، وإنما تقلد فقط.
حتى يعرف أنها هدي،
فلا يتعرض لها.
لأن العلماء
اختلفوا: هل أحرم صلى الله عليه وسلم قارنًا أو مفردًا؟
الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم أحرم قارنًا بين حجه وعمرته؛ لأنه ساق الهدي، ولم يحرم متمتعًا؛ لأن الذي يسوق الهدي لا يحرم بالتمتع، إنما يحرم بالقران، أو بالإفراد، وهو صلى الله عليه وسلم أحرم قارنًا.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1243).