×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

ورفع صوته بهذه التلبية حتى سمعها أصحابه، وأمرهم بأمر الله له أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ([1]).

****

وإنما الكلام في إخلاص العبادة لله عز وجل، وهو توحيد الألوهية، وهذا الذي وقع فيه الشرك، فهم أدخلوه في التلبية، قالوا: «لاَ شريك لك» هذا فيه نفي لجميع الشركاء، إلا أنهم استثنوا، وقالوا: «إِلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ»؛ أي: عبدًا من عبادك.

وقولهم: «تملكه وما ملك»؛ أي: لا يستطيع الاستقلال بالخلق والرزق والإحياء والإماتة، بل هو لله سبحانه وتعالى، والله يملكه وما ملك.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم في هذه التلبية، وأعلن التوحيد بقوله: «لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ».

ثم كرر، فقال: «لاَ شَرِيكَ لَكَ»؛ تأكيدًا، فهذا إبطال لتلبية الجاهلية، وإشعار للمحرم بالحج أو بالعمرة أن يخلص عمله لله، ولا يستغيث بميت، أو يذبح الإنس أو جن، أو غير ذلك؛ لأن هذا يبطل حجه وعمرته، ويبطل جميع أعماله.

والتلبية شعار المحرم، ولذلك إذا حل من إحرامه، لا يلبي، وإنما التلبية شعار خاص بالمحرم.

يستحب أن يجهر بالتلبية، ويرفع الصوت بها، ولا تكون خفية بصوت خفي؛ لأنها شعار، والشعار يظهر، وهي تذكير لنفسه ولغيره بالتوحيد والإخلاص لله عز وجل.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1814)، والترمذي رقم (829)، وابن ماجه رقم (2922).