×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

فلما كان بسرف، حاضت عائشة رضي الله عنها، وقال لأصحابه بسرف: «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلاَ» ([1])، وهذه رتبة أخرى فوق رتبة التخيير عند الميقات.

فلما كان صلى الله عليه وسلم بمكة، أمر أمرًا حتمًا من لا هدي معه أن يجعلها عمرة،

****

  لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع يقال له: «سَرِف»، وهو قريب من مكة، حاضت عائشة، وهي محرمة بالتمتع.

وكذلك عند الإحرام خيرهم، ولما بلغ هذا الموضع -سَرِف-، حثهم على أن يتحولوا إلى التمتع لمن لم يسق الهدي، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يؤكد عليهم ذلك، فكأنه يتدرج بهم.

هذا من باب التدرج: التخيير، ثم الاستحباب، ثم التأكيد؛ لأنهم لم يألفوا هذا، لم يألفوا التمتع، وإنما كانوا يأتون بالعمرة في سفر مستقل، ويأتون بالحج في سفر مستقل، لم يألفوا أن العمرة والحج يجمعان في سفر واحد.

هذه هي المرتبة الثالثة والأخيرة: أمرهم أمرًا حتمًا بالتمتع، بالتحول إلى التمتع لمن لم يسق الهدي، وأما هو صلى الله عليه وسلم، فكان قد ساق الهدي، ولذلك لم يتحول عن قِرَانِهِ بسبب الهدي، وتمنى أنه لم يسق الهدي، وأنه يحل من إحرامه مع أصحابه ([2])، وهو صلى الله عليه وسلم لا يتمنى


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1788)، ومسلم رقم (1211).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1651)، ومسلم رقم (1216).