×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الأول

فلما دنا منه قرأ: ﴿۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ [البقرة: 158]، «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» ([1]).

****

بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد الحرام؛ كما دخل في حجة الوداع وعُمَره، كان يدخل المسجد الحرام من أعلاه، ويتعدى المسعى، ويذهب إلى الطواف، فلو كان السعي جائزًا قبل الطواف، لأخذ صلى الله عليه وسلم اليسر، وبدأ بالسعي قبل الطواف؛ لأن هذا أيسر على الناس.

وهذا أيضًا تفسير هذه الآية، قال -تعالى-: ﴿۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ [البقرة: 158]، بيَّن هذا بفعله صلى الله عليه وسلم ؛ فبدأ بالصفا ولم يبدأ بالمروة؛ لأن الله سبحانه وتعالى بدأ بها في الذكر، فيُبْدَأ بها في الفعل، ولهذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالصفا، وقال: «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ».

وفي رواية قال: «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» ([2]).

فقوله: «ابْدَءُوا» فعل أمر، فدل على أن السعي يُبْدَأ من الصفا، ولا يُبْدَأ من المروة، فإن بدأ من المروة، فإن الشوط الأول غير صحيح.

والصفا: هو طرف من جبل أبي قبيس، صفاة ملساء مرتفعة، كما أن المروة طرف من جبل قُعَيْقِعَان مرتفعة، فكان صلى الله عليه وسلم عليهما، هذا هو الصفا والمروة، والسعي بينهما، ولا يسعى خارجًا عنهما، لا يسعى خارجًا عما بين الصفا والمروة -لا من جهة الغرب ولا من جهة


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1218).

([2])أخرجه: النسائي رقم (2962).