وكان
معه أهل مكة، فصلوا بصلاته قصرًا وجمعًا ([1])،
وفيه أوضح دليل على أن سفر القصر لا يتحدد بمسافة معلومة.
فلما
فرغ صلى الله عليه وسلم من صلاته، ركب حتى أتى الموقف،
****
وهذا أيضًا من فقه هذه المسألة؛ أن أهل مكة إذا
حجوا مع الناس، فإنهم يكونون مثل الحجاج، يقصرون من الصلاة، ويجمعون، وإن كانت مكة
قريبة منهم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى معه المكيُّون في عرفة، ولم يأمرهم
بالإتمام.
لكنه في ذاك الوقت
مسافة؛ لأن عرفة في ذاك الوقت بعيدة عن مكة، تحتاج إلى رواحل، وتحتاج إلى زاد
وماء، فهي في ذاك الوقت سفر.
في سياق حجة النبي
صلى الله عليه وسلم سبق أنه انتقل من نمرة إلى بطن عرنة -بطن الوادي-، فخطب خطبة
تسمى خطبة يوم عرفة في هذا المكان، خطبة واحدة، ثم لما فرغ صلى الله عليه وسلم،
أمر المؤذن، فأذن، ثم أمره، فأقام، وصلى الظهر ركعتين قصرًا، ثم أقام المؤذن، فصلى
العصر ركعتين قصرًا وجمعًا إلى الظهر، جمع تقديم؛ وذلك من أجل أن يتفرغ الحجاج
للوقوف والدعاء والتضرع في هذا اليوم، فيكون الجمع بعرفة بين الظهر والعصر جمع
تقديم، هذه هي السنة.
ثم لما سلم صلى الله عليه وسلم من الصلاتين، انتقل إلى عرفة، ودخل فيها للوقوف؛ لأداء ركن الوقوف؛ لأن الوقوف لا يكون إلا بعرفة.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1218).