لا
تختص بموقفه ذلك، بل قال: «وَقَفْتُ هَا هُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» ([1])،
وأرسل إلى الناس أن يكونوا على مشاعرهم، ويقفوا بها، فإنها إرث من أبيهم إبراهيم.
****
عرفة مشعر من مشاعر الحج من عهد إبراهيم الخليل
صلى الله عليه وسلم، فمناسك الحج تؤدى على ما أداه إبراهيم عليه السلام، وفعله
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أحيا ملة إبراهيم في الحج وفي غيره.
قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوۡحَيۡنَآ
إِلَيۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [النحل: 123]، فعاد
الحج على ملة إبراهيم عليه السلام.
وكان أهل الحرم في
الجاهلية لا يخرجون، يقفون بالمزدلفة، ويقولون: نحن أهل الحرم، فلا نخرج. ويقفون
بالمزدلفة، ويتركون الوقوف بعرفة، وإنما الذي يذهب إلى عرفة غير أهل الحرم، وهذا
من أمور الجاهلية؛ من تغيير دين إبراهيم عليه السلام.
فلما حج النبي صلى
الله عليه وسلم، كانوا لا يشكون أنه سيقف في المزدلفة معهم، لكنه صلى الله عليه
وسلم جاوز، حتى وقف بعرفة، فأخلف ظنهم، وأبطل خرافتهم.
والله جل وعلا قال: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ﴾ [البقرة: 199] ؛ أي: أفيضوا من عرفة، لا من المزدلفة.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1218).