لأنه لم يعش بعدها إلا مدة يسيرة، ثم توفي صلى
الله عليه وسلم بعد رجوعه من الحج بمدة يسيرة، ولذلك ودع الناس، فقال صلى الله
عليه وسلم: «لعَلِّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا» ([1]).
ولذلك سميت بحجة
الوداع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ودع بها الناس، وهذه الآية من آخر ما نزل عليه،
وهي تبين أن الله سبحانه وتعالى منَّ على المسلمين فأكمل لهم دينهم، فما توفي
النبي صلى الله عليه وسلم، إلا وقد أكمل الله عز وجل به الدين، وأتم به النعمة،
وفي هذا ردٌّ على المبتدعة، الذين يخترعون عباداتهم من عند أنفسهم، ليس لها دليل
من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالله أكمل الدين،
ولا حاجة إلى البدع؛ فالذي يأتي ببدعة يزعم، أي: يتهم أن الله لم يكمل الدين، فهو
يريد أن يضيف إليه بدعته، ويلصق به كذبه، وإن كانت نيته طيبة، فلا تكفي النية؛ فإن
كانت نيته طيبة، ويقول: أنا ما أردت إلا الخير. لا تكفي النية؛ فالدين ليس
بالاستحسان، وإنما الدين هو بالكتاب والسنة، لا بالاستحسان، والنيات الطيبة لا
تكفي في هذا.
فالبدعة: إحداث في الدين ما ليس منه، وهي مردودة على صاحبها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([2])، وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([3]).
([1])أخرجه: النسائي في الكبرى رقم (4002).