فلما
أتى بطن محسر، حرك ناقته وأسرع،
****
فلا يقال: هذا فيه
زيادة أجرة، أو زيادة عبادة، بل هذا غلو -والعياذ بالله-، فيجب على الإنسان أن
يعمل بما شرعه الله عز وجل، وشرعه رسوله، ولا يزيد على ذلك.
«بطن محسر»: هو الوادي الفاصل
بين منى والمزدلفة، وادٍ صغير معترض، فلما بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أسرع راحلته، فيستحب للحجاج أنهم إذا وصلوا إلى هذا الوادي أن يسرعوا في السير.
ويسمى «محسر»، لأنه
يحسر عن ساقيه، ويسرع؛ لأن هذا الوادي موطن عذاب، نزل على أصحاب الفيل، الذين
جاءوا يريدون هدم الكعبة.
قال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ
رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ ١ أَلَمۡ
يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ ٢ وَأَرۡسَلَ
عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ ٣ تَرۡمِيهِم
بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ ٤ فَجَعَلَهُمۡ
كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۢ﴾ [الفيل: 1- 5]، وحمى الله عز وجل بيته منهم.
وهذه هي سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم في مواطن العذاب، لا يجلس فيها، ولا يتريث فيها، وإنما
يسرع.
ولما مر الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه بديار ثمود في طريقهم إلى غزوة تبوك تقنع، وأسرع صلى الله عليه وسلم، وقال لأصحابه: «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ، إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» ([1])، فمواطن العذاب لا يجوز للإنسان أن يتأخر فيها، أو يجلس فيها، أو ينزل فيها، ويقول: إن هذه
([1])أخرجه: البخاري رقم (3380)، ومسلم رقم (2980).