فلما
أتى صلى الله عليه وسلم ذا الحليفة، بات بها،
****
فهو لم يتميز؛ فالذي
لم يعرفه من قبل لا يميزه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. يجلس في المدينة
بين أصحابه، فيأتي القادم ويقول: أيكم محمد؟ أو رسول الله؟ فيشيرون إليه ([1])، فهو صلى الله عليه
وسلم لم يتميز عن أصحابه بشيء، مع أنه أفضل الخلق على الإطلاق، هذه مسألة.
المسألة الثانية: مسألة أن الطفل يصح
حجه، ولو كان دون التمييز؛ جاء في الحديث: «فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ
صَبِيًّا لَهَا فِي مِحَفَّةٍ»، في شيء يحمله، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ،
أَلِهَذَا حَجٌّ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ»؛ أي: له حج، «وَلَكِ
أَجْرٌ»؛ أي: على حمله ونية الإحرام والطواف والسعي به، لك أجر على ذلك.
فدل هذا الحديث على
أن الصبي الذي دون التمييز يصح حجه وعمرته، لكن تكون نافلة، ولا تجزئ عن حجة
الإسلام، وينوي عنه وليه؛ لأنه ليس عنده نية، ولا يستحضر النية، ينوي عنه وليه،
ويجنبه ما يجتنبه المحرم، ويفعل به المناسك، فيكون له ما نُوي عنه من حج أو عمرة.
أما إذا كان مميزًا،
فإنه ينوي عن نفسه، ويحرم عن نفسه.
لما وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مشارف المدينة، بات بها، ولم يدخلها ليلاً، وبات بذي الحليفة، بوادي العقيق، الذي أحرم منه صلى الله عليه وسلم للحج؛ كما سبق.
([1])أخرجه: البخاري رقم (63).