لأنها كانت تحت سيطرتهم، فشق ذلك على المسلمين،
لا بد من الصلح؛ حتى لا يرجعوا ذليلين، بل لا بد من الرجوع بصلح يرضي الجميع.
وقد أتاه صلى الله
عليه وسلم رسل من المشركين، ولكن لم يتم شيء، فلما أقبل سهيل بن عمرو، وكان حينذاك
مشركًا، ثم أسلم رضي الله عنه.
لكن لما جاءه سهيل
في التفاوض في الحديبية، لما أقبل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ
سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ» ([1])؛ تفاؤلاً من اسم «سهيل»،
وكان الأمر كما تفاءل الرسول صلى الله عليه وسلم، فانحلت المشكلة على يد سهيل من
قبل المشركين، وعلى يد الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل المسلمين، وحصل صلح
الحديبية، الذي صار فتحًا للمسلمين، وخيرًا للمسلمين، وعاقبته صارت للمسلمين.
فلما أن تم الصلح،
وضعت الحرب أوزارها، وكف المشركون أيديهم عن المسلمين، الذين ما زالوا في مكة،
فصاروا يهاجرون، ولا يمنعونهم، وقد هاجر خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وجماعة من
أكابر قريش، أسلموا وهاجروا.
وكذلك المستضعفون من المسلمين -أيضًا- صاروا يهاجرون، ولا يتعرض لهم أحد؛ بسبب هذا الصلح العظيم، وإن كرهه من كرهه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأوا أن في هذا الصلح غضاضة على
([1])أخرجه: البخاري رقم (2731).