التَّعقـيب الثَّـاني
والثَّلاثـون
****
من صفحة 164 حتى صفحة 188 شنَّ هجومًا مسلَّحًا على شيخِ الإسلامِ ابنِ
تيمية، واتَّهمَه بأنَّه قال بقولِ الفلاسفةِ حينما قال: «إنَّ الحوادثَ قديمةُ
النَّوعِ حادِثة الآحَاد!!».
وهذه المسألةُ قد شَنَّع بها خصومُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ عليه قديمًا وحديثًا وقالوا: إنَّه يقولُ بحوادثَ لا أوَّل لها، والدُّكتور في هذا الكتابِ اتَّخذ من هذه المسألةِ مُتنفَّسًا يَنفُثُ من خلاله ما في صدرِه من حقدٍ على شيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية؛ لأنَّه شيخُ السَّلَفيين الذين يُضايقُونه في هذا الزَّمان، ولكنْ والحمدُ لله ليس له في هذه المسألةِ ولا للذين سَبَقوه أيُّ مَدخلٍ على الشَّيخِ وسَيرُدُّه اللهُ بغيظِه لم ينَلْ خيرًا كما رَدَّ الذين من قبلِه، فإنَّ مُرادَ الشَّيخ رحمه الله أنَّ أفعالَ اللهِ سبحانه ليسَ لها بداية؛ لأنَّه الأوَّلُ الذي ليس قبلَه شيء، قال -يرحمُه الله-: «والتَّسَلسُل الواجبُ ما دَلَّ عليه الشَّرعُ من دوامِ أفعالِ الرَّبِّ تعالى في الأبدِ، فكُلُّ فعلٍ مسبوقٌ بفعلٍ آخَر، فهذا واجِبٌ في كلامِه فإنَّه لم يزَلْ مُتكلِّمًا إذا شاء، ولم تَحدُثْ له صفةُ الكلامِ في وقت، وهكذا أفعالُه هي من لوازمِ حياتِه فإنَّ كلَّ حيٍّ فَعَّال، والفَرقُ بين الحَيِّ والمَيِّتِ الفِعل، ولم يكُن ربُّنا تعالى قَط في وقتٍ من الأوقاتِ مُعطِّلاً عن كمالِه من الكلامِ والإرادةِ والفِعل...» إلى أن قال: «ولا يلزَمُ من هذا أنَّه لم يزَلِ الخلقُ معه، فإنَّه سبحانه متُقدِّمٌ على كلِّ فردٍ من مخلوقاتِه تقدُّمًا لا أوَّلَ له، فلكل مخْلُوق أوَّل، والخَالقُ سبحانه لا أوَّلَ له، فهو وحدَه الخالقُ، وكلُّ ما سواه مَخلوقٌ كائنٌ بعدَ أن لم يكُن».. إلى أن قال: «والمقصودُ أن
الصفحة 1 / 57